السجدة الأخيرة
ذكر الشيخ محمد العريفي في كتيبه " ودعت أطفالها " قال:
حدثني مغسل للأموات قال لي أنه جيء لهم بفتاة
متوفاة عمرها خمس عشر سنة يقول المشرف: سألت والدها عن سبب وفاتها هل هو
حادث؟! هل هو مرض؟! لأنها كانت صغيرة السن.
قال: رجعت من المسجد بعد صلاة العصر فدخلت البيت فجلست في المجلس المعتاد
في داخل البيت وحين دخلت إذا بزوجتي جاءت فجلست، وبعد قليل دخلت علينا
بنيتي هذه التي ماتت.
يقول عنها أبوها: كانت تحفظ من كلام الله سبعة وعشرين جزءا وتدرس في مدارس
تحفيظ القرآن الكريم, وبقي عليها ثلاثة أجزاء, وأعظم أمنية عندها أن تختم
القران في شهر رمضان.
كانت طائعة لله, محافظة على الصلاة, بارة بي وبأمها, كثيرة التلاوة للقرآن الكريم.
يقول: استأذنت وقبلت رأسي ورأس أمها.. ثم صعدت إلى غرفتها وقبيل أذان
المغرب وقبيل الإفطار صعدت إليها لكي تعد الإفطار مع أمها كما هي عادتها.
لما صعدت إلى غرفتها وجدتها ساجدة والمصحف بجانبها, وقفت أنتظرها لعلها تنتهي من سجدتها لتلاوة القرآن.
بقيت ساجدة.. خفت عليها جثوت على ركبتي أناديها: يا بنيتي لكنها لم ترد
علي.. فمددت يدي وحركتها فسقطت معلنة خروجها من هذه الدنيا, لكنها على أحسن
حال.
لقد ماتت هذه الفتاة الساجدة, صائمة حافظة, تالية لكتاب الله، لقد ماتت وهي
البارة بوالديها, لقد ماتت في أحسن صورة وأكرم خاتمة, في أفضل بقعة في
مصلاها, لقد ماتت قبيل الإفطار صائمة في شهر رمضان المبارك.